شعبان إعداد لرمضان :
إذاً: نعود إلى ليلةِ النِصفِ من شعبان, إنها بادئَ ذي بدءٍ: إعدادٌ للنفسِ كي تستقبلَ شهرَ الصيام, وهيَ في أوجِ إقبالِها على اللهِ عزّ وجل، وهيَ في أتمِّ استعدادٍ للدخولِ في هذا الشهر الكريم الشيء العظيم، الشيء المُقدّس, يحتاج إلى تمهيد, لكن الشيء التافه لا يحتاج إلى تمهيد، فهذا رمضان لعلَّ اللهَ سبحانهُ وتعالى يُعتِقُنا فيه من النار، لعلَّ هذا الشهرَ الفضيل يرتقي فيه الإنسانُ: من حالٍ إلى حال، ومن درجةٍ إلى درجة، ومن منزِلةٍ إلى منزِلة، ومن قيّمٍ إلى قيّم، ومن نوايا إلى نوايا، ومن رؤيا إلى رؤيا، فما دامَ هذا الشهرُ الكريم يمكن أن يكونَ سبباً في ارتقائِكَ, لا بُدَ لهُ من تمهيد، التمهيد هوَ شهرُ شعبان؛ صيامٌ وإنفاقٌ وتلاوة قرآنٍ وعملٌ طيب.
يعني بالمَثل المادي: إذا أردت أن تقطعَ مسافةً بينَ نقطتين بسرعةٍ عاليةٍ, لا بُدَ من أن تتحركَ قبلَ نُقطة البدء, إذا بدأت الحركة عِندَ نقطة البدء, إلى أن تزدادَ سُرعَتُكَ, وتأخذَ سُرعتكَ القصوى, تكون قد قطعتَ مسافةً هدراً، فمن أجلِ أن تبدأَ السيرَ سريعاً من نقطة - أ - إلى نقطة - ب – لا بُدَ من التحرُك قبلَ - أ - هذا بشكلٍ أو بآخر ما يعنيه الإعدادُ لرمضانَ من شعبان.
الشيء الثاني: النبي -عليه الصلاة والسلام- كانَ يدعو اللهَ في هذا الشهر الفضيل.
((الدُعاءُ مُخُ العِبادة)) [أخرجه الترمذي في سننه]
يعني أعلى درجات الاتصال: أن تدعوهُ وأنتَ في ضائقة، أن تدعوهُ بدُعاءٍ حار, أن تدعوهُ وأنتَ تستغيثُ بهِ، لذلك قالَ النبي الكريم:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
((لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الدُّعَاءِ))
[أخرجه الترمذي في سننه]